وظهورها في القرن الرابع على يد ابن النَّديم المتوفى سنة 380هـ وسكوت العلماء عنها قد يثير الشَّكّ والارتياب في أمرها، وإن كان ذلك لا يكفي لردها؛ لأنَّ كثيرا من مؤلفات القدامى من القرن الثاني والثالث قد ضاعت، ثم وجد بعضها بعد عدة قرون.

والذي عليه أكثر العلماء1 أنَّ النَحو أخذ عن أبي الأسود وأنَّ أبا الأسود أخذ ذلك عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب2 - كما تقدَّم -، وأنَّه كان مدفوعاً برغبته الجامحة لصدّ ما سمعه من الَّلحن، قال المبرد: إنّ "ابنة أبي الأسود قالت: ما أشدُّ الحرِّ، فقال لها: الحصباء بالرمضاء، قالت: إنَّما تعجّبت من شدّته، قال: أو قد لحن النّاس؟ فأخبر بذلك علياً - رحمة الله عليه - فأعطاه أصولا بنى منها، وعمل بعده عليها3.

أو أنَّه سمع لحناً في القرآن فقال: "لا أظن يسعني إلا أن أضع شيئاً أصلح به نحو هذا، أو كلام هذا معناه، فوضع النَّحو"4.

قال أبو الطيب الُّلغويّ: "وكان أول من رسمه، فوضع منه شيئاً جليلاً، حتَّى تعمق النَّظر بعد ذلك، وطوَّلوا الأبواب"5.

وقيل بل كان وضعه ليتعلمه بنو زياد؛ لأنَّهم كانوا يلحنون، فكلَّمه زياد في ذلك، وكان أعلم الناس بكلام العرب6.

وذهب بعض الرواة إلى أنَّ أبا الأسود وضع النَّحو بأمر من عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015