عملاً أدرسها وأحرفها، وكان على كل جزء أو ورقة أو مدرج توقيع بخطوط العلماء واحداً إثر واحد، يذكر فيه خط من هو، وتحت كلِّ توقيع آخر وخمسة أو ستة من شهادات العلماء على خطوط بعضِ لبعض، ورأيت في جملتها مصحفاً بخط خالد بن أبي الهياج صاحب عليّ عليه السَّلام، ثم وصل هذا المصحف إلى أبي عبد الله بن حاني - رحمه الله - ورأيت فيها بخطوط الأئمَّة من الحسن وإلى الحسين عليهم السَّلام، ورأيت عدَّة أمانات وعهود بخط أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، وبخط غيره من كتاب النّبي عليه السلام، ومن خطوط العلماء في النَّحو والّلغة، مثل أبي عمرو بن العلاء، وأبي عمرو الشَّيبانيّ، والأصمعيِّ، وابن الأعرابيّ، وسيبويه، والفراء، والكسائي، ومن خطوط أصحاب الحديث مثل سفيان بن عُيينة، وسفيان الثوريّ، والأوزاعيّ وغيرهم، ورأيت ما يدلُّ على أنَّ النَّحو عن أبي الأسود ما هذه حكَايته، وهي أَربع أوراق أحسبها من ورق الصيني، ترجمتها: هذه فيها كلام في الفاعل والمفعول من أبي الأسود - رحمة الله عليه - بخط يحي بن يعمر. وتحت هذا الخط بخط عتيق: هذا خط علاّن النَّحويّ، وتحته: هذا خط النَّضر بن شميل"1.

وتؤكد رواية ابن النَّديم هذه اشتغال أبي الأسود بالنَّحو، ووضعه شيئاً من حدوده، مع أنَّها لا تنفي أن يكون قد تلقى ذلك أو بعضه عن عليّ بن أبي طالب.

ومن الصَّعب الشك في صحَّة هذه الرِّواية لأنَّ ما أورده ابن النَّديم من مقوّيات الخبر يؤكد صدقه؛ ولأنَّ الرجل ثقة عرف بدقته في النَّقل والرِّواية، فهو إذا رأى بنفسه قال: رأيت، وإذا سمع قال سمعت، وإذا لم يطمئنّ إلى شيء، قال: لم أر، أو ذكر ما يدل على شكّه. على أنَّ اختفاء هذه الأوراق ثلاثة قرون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015