ويقول شيخ الإسلام "ابن تيمية" ما نصه: "وكرامات الصالحين تدل على صحة الدين الذي جاء به الرسول، ولا تدل على أن الولي معصوم، ولا على أنه يجب طاعته في كل ما يقوله.
ومن هنا، ضل كثير من الناس من النصارى وغيرهم، فإن الحواريين -مثلًا- كانت لهم كرامات، كما تكون الكرامات لصالحي هذه الأمة، فظنوا أن ذلك يستلزم عصمتهم، كما يستلزم عصمة الأنبياء، فصاروا يوجبون موافقتهم في كل ما يقولون، وهذا غلط" (?).
والحقيقة أن كثيرًا من المسلمين -أيضًا- قد وقع فيما وقع فيه النصارى من الخطأ الذي ذكره شيخُ الاسلام ابن تيمية، فبمجرد أن يُشتَهر شخص بشيء من الكرامات ترتفع درجة الثقة في أقواله، وتوجيهاته، وأوامره، ونواهيه، إلى حد أن أكثر الناس لا يقبل فيها جدلًا البتة.
"وأما تمييز الولي الصادق الذي قد تجري على يديه الكرامات من الدَّعِيِّ الكاذب الذي يُمَوِّهُ على الناس ويخدعهم، فإنما يكون ذلك بحسب صلاحه وتقواه، من قيامه بالفرائض والنوافل، واتقائه الكبائر، والصغائر، واتصافه بالصفات الكريمة، واستدامته عليها، فإن اتصف شخص بكل هذه الصفات الطيبة، وعُرِفَتْ عنه، ثم حَدَثَ على يديه شيء من الخوارق فيما لا يخالف الشرع، فيجوز أن يطلق على ذلك الخارق اسم "كرامة".
أما إن كان الرجل على خلاف ذلك، مُشْتَهَرًا بالفسق والفساد والضلال، وغير ذلك، فإن كل ما يجري على يديه لا يُعْتَدُّ به بالغًا ما بلغ، والله أعلم" (?).