قال الإمام الشاطبي -رحمه اللَّه-: " ومن الفوائد في هذا الأصل أن يُنْظَرَ إلى كل خارقة صدرت على يدي أحد، فإن كان لها أصل في كرامات الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ومعجزاته؛ فهي صحيحة، وإن لم يكن لها أصل؛ فغير صحيحة، وإن ظهر ببادئ الرأي أنها كرامة؛ إذ ليس كل ما يظهر على يدي الإنسان من الخوارق بكرامة، بل منها ما يكون كذلك، ومنها ما لا يكون كذلك.
وبيان ذلك بالمثال: أن أرباب التصريف بالهمم، والتقربات بالصناعة الفلكية، والأحكام النجومية، قد تصدر عنهم أفاعيل خارقة، وهي كلها ظلمات بعضها فوق بعض، ليس لها في الصحة مدخل، ولا يُوجَدُ لها في كرامات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منبع؛ لأنه إن كان ذلك بدعاء مخصوص، فدعاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن على تلك النسبة، ولا تجري فيه تلك الهيئة، ولا اعتمد على قِرانِ في الكواكب، ولا التمس سُعودَها أو نحوسَها، بل تَحَرَّى مجردَ الاعتمادِ على مَن إليه يُرْجَعُ الأمرُ كلَّه، والتجأ إليه، مُعْرِضًا عن الكواكب، وناهيًا عن الاستناد إليها، إذ قال: (أصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُومِن بِي وَكَافِرٌ) الحديث (?)، وإن تَحَرَّى وقتًا، أو دعا إلى تَحَرِّيهِ، فلسبب بريءٍ من هذا كله؛ كحديث التنزل (?)، وحديث اجتماع الملائكة طرفي النهار (?)، وأشباه ذلك" إلى أن قال -رحمه الله-: "وهذا الموضع مَزَلَّة قدم للعوامِّ، ولكثير من الخواص، فَلْتَنَبَّهْ له" (?).