موقف اليهود والنصارى من عصمة الأنبياء

هذا موقف أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بعصمتهم في تلقي الوحي، وعصمتهم في تبليغ الوحي، وأنهم لا يكتمون منه شيئاً، كما أنهم معصومون من الكبائر كذلك، وخالف في ذلك اليهود والنصارى، حيث نسب اليهود إلى الأنبياء والمرسلين أعمالاً قبيحة، فقالوا: إن نبي الله هارون هو الذي صنع العجل، والسامري كان رجلاً صالحاً، ولم يصنع العجل، فانظر إلى هذا! أيرتد نبي بعد إيمانه وبعثته؟! لا يمكن هذا بحال، لا نقلاً ولا عقلاً.

قالوا: إن نبي الله هارون صنع عجلاً وعبده مع بني إسرائيل، وهذا قد جاء في الإصحاح الثاني والثلاثين العدد الأول من سفر الخروج.

وقد بين هذا الضلال القرآن الكريم عندما حدثنا أن الذي صنع العجل إنما هو السامري.

وقالوا كذلك: إن إبراهيم خليل الرحمن عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام قدم امرأته سارة إلى فرعون حتى ينال منها الخير، أي: حتى يزني بها، فلما بلغه أن فرعون زنى بها سكت على ذلك ولم يتكلم! معاذ الله أن يكون ذلك من إبراهيم أو من سارة، ولكن إبراهيم لما سئل عليه السلام: من هذه؟ قال: هي أختي، يعني: أخته في الإسلام، ومع صدق هذا الخبر إلا أن إبراهيم عد هذا كذبة استغفر منها ربه وأناب.

ومن ذلك قول اليهود عن لوط عليه السلام: إن لوطاً شرب خمراً حتى سكر، ثم قام على ابنتيه فزنى بهما الواحدة بعد الأخرى! وهذا أيضاً في سفر التكوين الإصحاح التاسع عشر العدد الثلاثين، ومعاذ الله أن يفعل لوط ذلك، فقد دعا إلى الفضيلة وحارب الرذيلة قبل أن يبعث، فلما بعث اجتمع عليه قومه وأردوا منه أن يدخل في ملتهم بعد أن هداه الله وأنجاه منهم، أو أن يخرج من بينهم، وكانت قضيته أنه رجل طهره الله عز وجل: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل:56]، فقضيتهم أنهم طاهرون مطهرون، فلا بقاء لأمثال هؤلاء في وسط مجتمع يرزح تحت نير الرذيلة، الفساد في كل شارع، وفي كل بيت، وعلى كل قارعة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولذلك هذه الطائفة المؤمنة لا بقاء لها في هذا المجتمع الفاسد إلا أن تعلو بإيمانها على هذا الواقع الباطل، ويدعون إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة.

وقال اليهود: إن يعقوب عليه السلام سرق مواشي من حميه، وخرج بأهله خلسة دون أن يعلم حميه، وقالوا: إن راوبين -وشتان ما بين رابين اليهودي وراوبين الذي هو نبي من الأنبياء، وهو من الأسباط وأخو يوسف عليه السلام- زنى بزوجة رجل من قواد جيشه، ثم دبر حيلة لقتل الرجل، ثم أخذ داود الزوجة وضمها إلى نسائه، فولدت له سليمان! وقالوا: إن سليمان ارتد في آخر عمره وعبد الأصنام وبنى لها المعابد، كما ورد في سفر الملوك الأول الإصحاح الحادي عشر العدد الخامس.

وقالوا: إن يوسف عليه السلام حل السراويل وقعد من امرأة العزيز مقعد الرجل من امرأته! معاذ الله، وهو الذي آثر السجن على ما يدعونه إليه من الفاحشة.

والنصارى ليسوا بأفضل حالاً من اليهود، فإنهم أبناؤهم، ومن عباءتهم خرجوا، فقالوا كما ورد في إنجيل متى: إن عيسى من نسل سليمان بن داود، وإن جد سليمان هو فارض، الذي هو من نسل الزنا من يهوذا بن يعقوب عليه السلام، وهذا في إصحاح متى الأول العدد العاشر، وفي إنجيل يوحنا الإصحاح الثاني العدد الرابع: أن يسوع- وهو عيسى عليه السلام- أهان أمه في وسط جمع من الناس! فأين هذا مما وصفه به القرآن: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي} [مريم:32]، وقالوا: إن يسوع شهد بأن جميع الأنبياء الذين قاموا في بني إسرائيل هم سراق ولصوص! وهذا في إنجيل يوحنا الإصحاح العاشر العدد الثاني.

وهذا قليل من كثير مما تكلم به اليهود والنصارى عليهم لعنة الله في حق الأنبياء والمرسلين، حتى تعلموا صدق ما جاء في الكتاب العزيز: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120]، وحتى تعلموا صدق ما جاء في الكتاب العزيز: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء:89].

لا يمكن أيها الموحدون أن يرضى عنكم اليهود والنصارى إلا أن تكفروا وتنخلعوا من إيمانكم وتنغمسوا معهم في الكفر البواح حتى تخلدوا معهم في نار جهنم.

اليهود هم اليهود، وهم قوم بهت وسوء وضلال وانحراف، والله عز وجل أخبر في زمن نبينا عليه الصلاة والسلام أن اليهود قتلوا الأنبياء بغير حق، مع أن المعلوم قطعاً أن اليهود في زمن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقتلوا نبياً من الأنبياء؛ لأنهم لم يبعث لهم نبي، فكان هذا مفيداً بأن من رضي بالفعل كمن فعل، ومن أقر العمل كمن عمل، وهؤلاء اليهود تعرضوا لنبينا عليه الصلاة والسلام بالقتل تارة فلم يفلحوا، وأنجاه وحي السماء من غدر اليهود، ومن غدر المشركين، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يثبت عنه قط مرة واحدة في تاريخ دعوته الطويلة التي بلغت ثلاثاً وعشرين عاماً، وخاصة العشر الأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015