قال شيخ الإسلام رحمه الله: (والمؤمنون قالوا: (لله الخلق والأمر)، فكما لا يخلق غيره لا يأمر غيره).
أي: ليس لأحد حق الأمر إلا من كان له حق الخلق، فلما أجمعت الأمة أنه لا خالق إلا الله، فكذلك ليس لأحد أن يأمر وينهى إلا بأمر الله وأمر رسوله.
قال: (وقالوا: سمعنا وأطعنا فأطاعوا كل أمرٍ أمر الله به، وقالوا: إن الله يحكم ما يريد، أما المخلوق فليس له أن يبدل أمر الخالق تعالى ولو كان عظيماً.
وكذلك الأمة في صفات الله عز وجل -وسط بين الأمم السابقة- فإن اليهود -عليهم لعنة الله- وصفوا الله تعالى بصفات المخلوق الناقصة، فقالوا: هو فقير ونحن أغنياء، وقالوا: يد الله مغلولة، وقالوا: إنه تعب من الخلق فاستراح يوم السبت!).
أي: تعب من خلق الكون فاستراح في اليوم السابع! تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً، فإن الله لا يمسه نصب ولا تعب.
قال: (والنصارى وصفوا المخلوق بصفات الخالق المختصة به سبحانه وتعالى).
أما المؤمنون المسلمون فهم وسط بين هذا وذاك، فلم يصفوا الله تعالى بصفات النقص، بل أثبتوا له صفات الكمال والجلال على المعنى اللائق بالله تعالى، كما أنهم كذلك لم يعطوا أحداً من البشر ولو كان رسولاً أرسل من عند ربه أو نبياً شيئاً مما يجب صرفه لله عز وجل، كما أنهم كذلك لا يعطون لآحاد الأمة حقاً هو حق للرسول عليه الصلاة والسلام، فلكل حقه عند مجموع الأمة وعند أهل السنة والجماعة على جهة الخصوص.
قال: (والمؤمنون آمنوا بالله سبحانه وتعالى ليس له سمي ولا ند، ولم يكن له كفواً أحد، وليس كمثله شيء، فإنه رب العالمين وخالق كل شيء، وكل ما سواه عباد له فقراء إليه: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم:93 - 95]].