الردى , فهابه المشركون , ويجول جولة من لا يحذر الموت , فحذره فرسان قريش , وجعلوا يتنحون عنه كلما واجههم ..

لكن رجلا واحدا منهم جعل يبرز لأبى عبيدة فى كل اتجاه , فكان أبو عبيدة يتحرف عن طريقه ويتحاشى لقاءه.

ولج الرجل فى الهجوم وأكثر أبو عبيدة فى التنحى , وسد الرجل على أبى عبيدة المسالك ووقف حائلا بينه وبين قتال أعداء الله , فلما ضاق به ذرعا ضرب رأسه بالسيف ضربة فلقت هامته فلقتين , فخر الرجل صريعا بين يديه.

لا تحاول - أيها القارىء الكريم - أن تخمن من يكون الرجل الصريع .. أما قلت لك: إن عنف التجربة فاق حسبان الحاسبين وجاوز خيال المتخيلين؟ .. ولقد يتصدع رأسك إذا عرفت أن الرجل الصريع هو عبد الله بن الجراح والد أبى عبيدة.

لم يقتل أبو عبيدة أباه , وإنما قتل الشرك فى شخص أبيه.

فأنزل الله - سبحانه - فى شأن أبى عبيدة وشأن أبيه قرآنا , فقال - علت كلمته:

" لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " (المجادلة: 22).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015