(الاقتراح)؛ حيث قال: "واعلم أني قد استمديت -أي: استمدت بمعنى طلبت المدد والمعونة، فأصله بدالين ثم خُفف بإبدال الثانية ياء لكراهية التضعيف، وهذا الإبدال غير مطرد- هذا الكتاب كثيرًا من (الخصائص) لابن جني، فإنه وضعه في هذا المعنى وسماه (أصول النحو)، لكن أكثره خارج عن هذا المعنى، ثم قال: فلخصت منه جميع ما يتعلق بهذا المعنى بأوجز عبارة، وأرشقها، وأوضحها معزوًا إليه" انتهى.
وهذا النص قد تضمن معنى النحو بأوجز عبارة وأفصح بيان، وأوضح أن النحو هو الاتجاه صوب كلام العرب، والميل جهة طرائقهم في تصرفه من إعراب وتصريف، أي: في تصرف الكلام العربي من وجه إلى آخر؛ سواء كان ذلك في التراكيب أو المفردات، وقال معللًا انتحاء سمت كلام العرب: ليلحق من ليس من أهل العربية بأهلها في الفصاحة، وابن جني يُريد بالفصاحة هنا ما يشمل سلامة المفردات من مخالفة الاستعمال، أو القياس، أو هما معًا، وسلامة التراكيب من الوقوع في اللحن.
وقد ذكر شراح (الاقتراح) أن السيوطي في اختصاره كلام ابن جني حذف منه مواضع لا تخلو عن فائدة في الجملة، ولذلك نذكر كامل العبارة لإتمام النفع وإكمال الفائدة، قال ابن جني -رحمه الله تعالى- في (الخصائص): "باب القول على النحو هو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من إعراب وغيره كالتثنية والجمع، والتحقير، والتكثير، والإضافة، والنسب، والتراكيب، وغير ذلك؛ ليلحق من ليس من أهل العرب بأهلها في الفصاحة، فينطق بها، وإن لم يكن منهم، وإن شذَّ بعضهم عنها رُدَّ به إليها، وهو في الأصل مصدر شائع -أي: نحوت نحوًا كقولك: قصد قصدًا، ثم خُصَّ به انتحاء هذا القبيل من العلم، كما أن الفقه في الأصل مصدر فقهت الشيء أي: عرفته، ثم خُصَّ به علم الشريعة