والأمر الأخر: وقوع كثير من اللحن فيما روي من الحديث؛ لأن أكثر الرواة كانوا غير عرب" انتهى.
ملخص كلام أبي حيان، وما قاله هو كما يقول المثل العربي: شنشنة أعرفها من أخزمي. فما قاله إنما هو ترديد أمين أيضًا لما قاله من قبله شيخه ابن الضائع، الذي استشهد على منعه الاحتجاج بالحديث بترك الأئمة هذا الاحتجاج وإجازة الرواية للحديث بالمعنى.
وختم السيوطي هذا المبحث بالاستدلال على صحة ما ذهب إليه ابن الضائع وأبو حيان بأن ابن مالك قد استشهد على لغة "أكلوني البراغيث" بحديث (الصحيحين): ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)) يعني: مع أن هذا الحديث لم يأتِ على هذه اللغة؛ لأنه حديث مختصر رواه البزار، كما ذكر السيوطي نقلًا عن السهيلي مطولًا مجودًا فقال فيه: ((إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)) فالواو في "يتعاقبون" هي واو الجماعة، وقعت فاعلًا، و"ملائكة" خبر مبتدأ محذوف أي: هم ملائكة، كما استشهد ابن مالك أيضًا يعني: على جواز وقوع خبر كاد مقرونًا بأن بحديث: ((كاد الفقر أن يكون كفرًا)) أي: مع أن سيبويه رأى أن ذلك لا يجوز إلا في شعر؛ اعتمادًا على الضرورة الشعرية، ووافقه المبرد والجمهور على منع ذلك الاختيار.
ولذلك قال أبو البركات الأنباري في كتاب (الإنصاف في مسائل الخلاف) فإن صحَّ أي: الحديث المذكور، فزيادة "أن" من كلام الراوي لا من كلامه -عليه السلام؛ لأنه -صلوات الله عليه- أفصح من نطق بالضاد.
ونختم برأي الشاطبي الذي توسَّط في الاحتجاج بالحديث ونحن معه، فلم يردّ الاحتجاج به، ولم يفتح الباب على مصراعيه لهذا الاحتجاج؛ فجوز في مبحث