الجمع بينهما أداة التعريف أل والإضافة، وهما من خواص الأسماء، وإنما لم يجز الجمع بينهما؛ لأن كلتيهما أداة تعريف ولا يجوز الجمع بين معرفين على معرف واحد، فإن قيل: فقد اجتمع المعرفان في نحو قوله تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ} (آل عمران: 43) فقد اجتمع على الاسم التعريف بأداة النداء وبالعلمية، وقال الشاعر:
علا زيدُنا يومًا نقى رأس زيدكم ... بأبيض ماضي الشفرتين يمان
فقال: زيدنا، وزيدكم. فجمع بين التعريف بالعلمية والتعريف بالإضافة، فالجواب: أن تعريف العلمية قد زال مما ذكر، وأُجري العلم مجرى النكرات، وصار معرفًا بأل في الآية الكريمة، وبالإضافة في البيت، أو أن الممتنع هو الجمع بين التعريفين إذا كان بعلامتين لفظيتين، كالجمع بين يا مع الألف واللام، والعلمية ليست بعلامة لفظية. أما قولهم: يا الله. فقد جمعوا فيه بين يا وأل؛ لأن الألف واللام عِوَض من حرف أصلي، وكأن هذا الاسم الكريم أصله إله؛ فحذفوا الهمزة من أوله، وعوَّضوا منها الألف واللام، فصارت كأنها جزء منه، كما أن هذا الاسم الكريم قد كثر استعماله فخفَّ على ألسنتهم؛ فجوزوا فيه ما لم يجوزوا في غيره.
ومما لا يجتمعان كذلك التنوين والإضافة مع أنهما من خواص الأسماء، وذلك أن كلًّا منهما علامة على نهاية الاسم وتمامه، ولا يجتمع على تمام الاسم علامتان، أو لأن التنوين يدلُّ على الانفصال، والإضافة تدلّ على الاتصال فلم يجمعوا بينهما، ألا ترى أن التنوين يُؤذِن بانقطاع الاسم وتمامه، والإضافة تدلّ على اتصال المضاف بما بعده وهو المضاف إليه، وكون الشيء متصلًا منفصلًا في حالة واحدة أمر محال، أو لأن التنوين في الأصل يدلّ على التنكير المفيد للعموم، أما الإضافة فتُخصّص أو تعرف، فلم يجتمعا.