ومن هذا المثال يتبين أن سيبويه قد حمل لفظ "سِيد" على أن عينه ياء؛ لأنه هو الظاهر من حاله مع إمكان أن يكون عينه واوًا؛ ولذلك قال السيوطي: "حمل سيبويه سيدًا على أنه مما عينه ياء؛ فقال في تحقيره: سُيَيْد عملًا بظاهره، مع توجه كونه فِعلًا مما عينه واو كريح وعيد" انتهى.
وقول السيوطي: "مع توجه كونه فعلًا"، معناه: أن كلمة سِيد على وزن فِعل لا أنها فعل من الأفعال، وهذا القول من السيوطي يصحح سهوًا وقع فيه محقق كتاب (الاقتراح) -رحمه الله تعالى- تبعًا لمحقق كتاب سيبويه -رحم الله الجميع- إذ أثبتاه بلفظ "سَيِّد"، والصحيح أنه "سِيد" -بكسر السين- فقد حمله سيبويه على ظاهره، وهو أنه يائي العين مع جواز أن يكون واوي العين؛ فقلبت ياء لسكونها بعد كسرة كما قلبت فريح؛ فإن الأصل رِوْح؛ بدليل الجمع على أرواح، وقد وقعت الواو ساكنة بعد كسر؛ فقلبت ياء.
وننتقل الآن إلى الحديث عن: تعارض الأصل والغالب:
إذا تعارض الأصل والغالب؛ فقد ذكر السيوطي أن علماء النحو قد حذَوْ حَذْوَ الفقهاء في اختلافهم؛ فقد اختلف الفقهاء على قولين، وهما: العمل بالأصل، والعمل بالغالب، والأصح العمل بالغالب، وعلى ضربهم سار النحويون؛ فمنهم من ذهب إلى أن العمل يكون بالأصل، ومنهم من ذهب إلى أن العمل يكون بالغالب.
ومثال ذلك: أن الأصل في الاسم أن يكون مصروفًا؛ فإن جاء في كلامهم اسم علم أو صفة على وزن "فُعْل" -بضم الفاء وفتح العين- ولم يعلم؛ أصرفوه -كما هو الأصل- أم منعوه من الصرف؛ كما هو الغالب في ما كان على وزن