وأخواتها تعمل في الاسم النصب لشبه الفعل ولا تعمل في الخبر الرفع؛ بل الرفع فيه بما كان يرتفع به قبل دخولها؛ فيقول البصري: هذا فاسد؛ لأنه ليس في كلام العرب عامل يعمل في الاسم النصب إلا وهو يعمل الرفع أيضًا؛ فما ذهبت إليه -يا كوفي- يؤدي إلى ترك القياس ومخالفة الأصول لغير فائدة، وذلك لا يجوز.
وقد ذكر السيوطي هذا الذي قاله وفيه إجمال يحتاج إلى تفصيل يكشفه ويبينه، وبيانه أن نقول: لم يختلف النحويون في أنَّ "إنَّ" أو إحدى أخواتها هي التي تعمل النصب في الاسم؛ ولكن اختلفوا في عامل الرفع في الخبر على مذهبين:
أحد هذين المذهبين: أن عامل الرفع في الخبر بعد دخول "إنَّ" هو عامل الرفع في الخبر قبل دخولها، وهو مذهب الكوفيين، وحجة الكوفيين فيما ذهبوا إليه أنَّ "إنَّ" إنما عملت بالحمل على الفعل؛ فهي ضعيفة، ويجب أن تكون منحطة عن رتبة الفعل الذي عملت بالحمل عليه؛ كما هو شأن الفرع أبدًا؛ فوجب نزوله عن الفعل؛ ولو عملت في الخبر لأدى ذلك إلى التسوية بين الأصل والفرع، وذلك لا يجوز؛ فوجب بقاء الخبر على رفعه الذي كان عليه قبل؛ إبقاء لما كان على ما كان، ومعنى ذلك: أن الكوفيين قد قاسوا حال الخبر بعد دخول "إنَّ" عليه بحاله قبل دخولها.
والآخر: أن "إنَّ" وأخواتها هي التي ترفع الخبر أيضًا، وهذا مذهب البصريين؛ يقول سيبويه في (الكتاب): "وزعم الخليل أنها -أي: "إنَّ" وأخواتها- عملت عملين الرفع والنصب كما عملت "كان" الرفع والنصب" انتهى.
وحجة البصريين فيما ذهبوا إليه: أن "إنَّ" قد نصبت المبتدأ وجعلته اسمًا لها، ولو جاز أن يكون الخبر مرفوعًا على ما كان مرفوعًا به قبل دخول "إنَّ"؛ لكان المبتدأ