اللغة الضعيفة مجمع على أن طائفة من العرب قد نطقت بها -وإن كانت ضعيفة- ولأن الأصل في الشاذ أن يُحفظ ولا يقاس عليه؛ فلا يجوز أن تبنى عليه القواعد، والمراد بالشاذ هنا: المردود -كما سبق أن أوضحنا ذلك غير مرة.

الأخذ بأرجح القياسين عند تعارضهما

إن التعارض بين قياسين صورة من صور التعارض بين الأدلة، وقد أفرد الأنباري في كتابه (لمع الأدلة) فصلًا عنوانه: في معارضة القياس بالقياس، وعليه عوَّل السيوطي في هذه المسألة، وقد ذكر الأنباري في مقدمة هذا الفصل أنه قد يقع التعارض بين قياسين؛ فأحدهما يثبت حكمًا والآخر يثبت حكمًا آخر، وإذا وقع التعارض بين القياسين؛ رجح أحدهما على الآخر، وقد ذكر الأنباري أن هناك طريقين يرجح بهما بين القياسين المتعارضين؛ فقال: "اعلم أن القياسين إذا تعارضا أخذ بأرجحهما، وهو أن يكون أحدهما موافقًا لدليل آخر من طريق النقل أو طريق القياس" انتهى.

ومعنى ما ذكره الأنباري: أن السماع -وهو الذي يعبر عنه الأنباري باسم النقل- قد يرجح قياسًا على قياس كما أن موافقة القياس قد ترجح أحدهما على الآخر، ولم يذكر الأنباري مثالًا رجح فيه السماع أحد القياسين؛ وإنما اكتفى بقوله: "فأما الموافقة من طريق النقل فنحو ما قدمناه في الفصل الذي قبله" انتهى.

والمراد بالفصل الذي قبله: فصل معارضة النقل بالنقل.

ومما سبق نقول: إن الأنباري لم يذكر في (لمع الأدلة) كما لم يذكر السيوطي في (الاقتراح) مثالًا تعارض فيه قياسان وكان السماع مرجحًا أحد القياسين على الآخر، وقد ذكر الأنباري مثالًا لترجيح السماع بين القياسين المتعارضين، وذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015