سابعًا: احتج به أبو حيان على رد مذهب الفراء في باب التنازع، هذا المذهب القائل: إذا استوى العاملان في طلب المرفوع فالعمل لهما، وذلك نحو: قام وقعد زيد، ويحسن ويسيء ابناك؛ فهو يرى أن العاملين في كل جملة من الجملتين السابقتين ونحوهما كالعامل الواحد؛ لأن مطلوبهما واحد؛ فرد ذلك أبو حيان بأنه يؤدي إلى عدم النظير؛ إذ لا يجتمع عاملان على معمول واحد إلا في التقدير نحو: "ليس زيد بجبان"، يعني: لا يجوز أن يجتمع عاملان على معمول واحد في اللفظ وإن توجها إليه في المعنى؛ لأن العوامل كالمؤثرات، ولا يجوز اجتماع مؤثرين في محل واحد.
فهذه سبعة أمثلة تدل على عناية العلماء بالنظير واحتجاجهم بعدم النظير.
إن الاستحسان -في أصله- مصطلح من مصطلحات الفقه وأصوله، وهو أحد الأدلة المختلف فيها عند الفقهاء، وكما اختلف الفقهاء في الأخذ به اختلف النحويون أيضًا في الأخذ به على قولين:
الأول: عدم الأخذ بالاستحسان؛ لأن في الأخذ به تركًا للقياس ومخالفة له.
والثاني: جواز الأخذ به.
وقد حكى القولين أبو البركات الأنباري فقال: في (لمع الأدلة): "اعلم أن العلماء اختلفوا في الأخذ به: فذهب بعضهم إلى أنه غير مأخوذ به لما فيه من التحكم وترك القياس، وذهب بعضهم إلى أنه مأخوذ به، واختلفوا فيه فمنهم من قال: هو ترك قياس الأصول لدليل، ومنهم من قال: هو تخصيص العلة" انتهى.