وإذ قد انتهينا إلى معرفة أن النظير يحتاج إليه إذا لم يكن هناك دليل؛ فإننا نشير إلى أن النحويين قد احتجوا كثيرًا بعدم النظير، وردوا ما لا نظير له في الكلام، والأمثلة على ذلك في النحو والصرف كثيرة جدًّا، نذكر منها ما يلي:

أولًا: ما استدل به المازني ردًّا على من زعم أن السين و"سوف" ترفعان الفعل المضارع؛ فقد رد المازني هذا القول بأنه لا يوجد في العربية عامل في الفعل تدخل عليه اللام، وقد دخلت اللام على "سوف" في قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} (الضحى: 5) فالقول بعمل "سوف" يفضي إلى عدم النظير.

ثانيًا: احتج به أبو عليٍّ الفارسي على من قال: إن النون في "شيطان" زائدة، واستدل على أن لفظ "شيطان" على وزن "فَيْعالٍ"، مثل لفظ: "بَيْطارٍ" وليس على وزن "فعلان" اعتمادًا على ما حكاه سيبويه عن العرب من قولهم: شيطنته فتشيْطن؛ فلو كان من شاط يشيط؛ لكان شيطنته فتشيطن: فعلنته فتفعلن، ولا نعلم هذا الوزن جاء في كلامهم؛ مما يدلك على أنه على فَيْعلته مثل بَيْطرته.

ووجه الاستدلال بما ذكره أبو علي أنه استدل على أصالة النون في لفظ "شيطان" بما حكاه سيبويه عن العرب من قولهم: "تشيطن" وهو على وزن "تفيعل" لا "تفعلن"؛ إذ ليس من أبنيتهم -أعني: من أوزانهم-: تفعلن؛ فالنون هي لام الكلمة؛ فحمل أبو علي لفظ تشيْطن على ما له نظير نحو: تدهقن، أي: صار دهقانًا، وهو -أي: الدهقان-: رئيس القرية أو الكثير المال، ولم يحمله على ما لا نظير له في كلامهم.

ثالثًا: احتج به ابن جني على رد قول المازني: إن الواو في "حيوان" أصلية وغير منقبلة عن ياء، ورد عليه بأن ما عينه ياء ولامه واو غير موجود في الكلام ولا نظير له، وذكر أن ما أجازه المازني مخالف للخليل وسيبويه؛ لأنهما يريان أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015