ومما قام الدليل على صحته ولا نظير له في الكلام: لفظ "أَنْدَلُس" -بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الدال وضم اللام- وقد قام الدليل فيه على زيادة النون: وهو أنه لو لم يحكم بزيادتها لحكم بأصالتها؛ فيكون الوزن فَعْلَلُلًَا، وليس في ذوات الخمسة الأحرف شيء على وزن "فَعْلَلُلٍ" تكون فيه النون أصلًا لوقوعها موقع العين؛ فوجب أن تكون النون زائدة، وأن يكون على وزن "أَنْفَعُلٍ" -بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الفاء وضم العين- وليس في العربية على هذا الوزن غير هذا اللفظ، وهو مقبول غير مردود، مع أنه بناء لا نظير له؛ وإنما قُبِل هذا البناء مع عدم نظيره لقيام الدليل عليه.
والدليل: هو أن النون زائدة لا محالة، وإذا ثبت زيادة النون بقي في الكلمة ثلاثة أحرف أصول، وهي: الدال، واللام، والسين، وفي أولها همزة؛ ومتى وقع ذلك حكمت بزيادة الهمزة؛ لأنها واقعة قبل ثلاثة أصول، ولا تكون النون أصلًا والهمزة زائدة؛ لأن ذوات الأربع لا تلحقها الزيادة من أولها إلا في الأسماء الجارية على أفعالها نحو: مدحرِج وبابه؛ فقد وجب إذًا أن الهمزة والنون زائدتان؛ وعليه تكون الكلمة على وزن: "أَنْفَعُلٍ"، وإن كان مثالًا لا نظير له.
ومما قام الدليل على صحته ولم يثبت له في الكلام نظير أيضًا: ما ذكره سيبويه من أنه قد ثبت في كلامهم فعُلتَ تفعَل -بضم العين في الماضي وفتحها في المضارع- وهو: كُدْتَ تكاد، ولا يوجد غيره؛ كما أثبت سيبويه وزنًا هو "إِنْفَعْلٌ" -بكسر الهمزة وسكون النون وفتح الفاء وسكون العين- وقد أثبته سيبويه بكلمة "إِنْقَحْلٍ": وهو الرجل الذي يبس جلده على عظمه من البؤس والكبر والهرم، وإن لم يحكِ غيره.
ومن هذه الأمثلة وغيرها يتبين لنا: أنه إذا قام الدليل على صحة شيء لم تكن هناك حاجة إلى النظير، وقد أشار إلى ذلك ابن جني بقوله في (الخصائص): "ألا