بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس التاسع عشر
(تابع: أدلة متفرقة من أدلة النحو غير الغالبة)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
النصف الثاني من الباب الخامس من أبواب كتاب (الاقتراح)، والذي عقده السيوطي للحديث عن: أدلة متفرقة من أدلة النحو:
إن السيوطي قد عوَّل على كلام أبي البركات الأنباري في كتابه (لمع الأدلة)، وقد ذهب الأنباري إلى أن الاستدلال بالأصول هو أحد أوجه الاستدلال التي تلحق بالقياس، ويعد الاستدلال بالأصول من جملة الأدلة التي يلجأ إليها النحوي عند المحاجاة والجدل؛ إذ إن المراد به: إبطال مذهب أو رأي بالرجوع إلى الأصل الذي أصَّله النحويون، ومن الأصول التي أصَّلها النحويون: أن يكون الرفع مقدمًا على غيره من أنواع الإعراب، وبهذا الأصل رد الأنباري مذهب القائلين بأن عامل الرفع في الفعل المضارع المرفوع هو تجرده من الناصب والجازم؛ لأن القول بالتجرد معناه: أن الفعل كان متلبسًا بهما، أي: بالناصب والجازم، قبل تجرده منهما، وفي القول بذلك مخالفة للأصول؛ إذ الأصل تقدم الرفع على غيره.
قال الأنباري في (لمع الأدلة): "وأما الاستدلال بالأصول فمثل أن يستدل على إبطال مذهب من ذهب إلى أن رفع المضارع إنما كان لسلامته من العوامل الناصبة والجازمة؛ لأن ما ذهب إليه يؤدي إلى خلاف الأصول؛ لأنه يؤدي إلى أن يكون الرفع بعد النصب والجزم؛ وهذا خلاف الأصول؛ لأن الأصول تدل على أن الرفع قبل النصب؛ لأن الرفع صفة للفاعل والنصب صفة للمفعول، وكما أن الفاعل قبل المفعول فكذلك الرفع قبل النصب، وكذلك تدل أصول على أن الرفع قبل الجزم لأن الرفع في الأصل من صفات الأسماء والجزم من صفات الأفعال، وكما أن رتبة الأسماء قبل رتبة الأفعال؛ فكذلك الرفع قبل الجزم" انتهى.