فأول الفصول الثلاثة: الاعتراض على الاستدلال بالنقل.

وثانيها: الاعتراض على الاستدلال بالقياس.

وثالثها: الاعتراض على الاستدلال باستصحاب الحال، وهو الذي يعنينا في هذا الدرس.

وقبل أن نذكر ما قاله الأنباري في هذا الفصل ونقله عنه السيوطي في (الاقتراح) نشير إلى أن المراد بالاعتراض في اللغة هو المنع والحيلولة؛ إذ يقال: عرض الشيء يعرض واعترض: انتصب ومنع، وصار عارضًا كالخشبة المنتصبة في النحو والطريق تمنع السالكين سلوكها، ولا ينفك المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي؛ فالمراد بالاعتراض هنا: الحيلولة بين المستدل وما يستدل به على حكم من أحكام النحو.

وقد عرف أحد الباحثين الاعتراض على الدليل بأنه: ما يمنع به المعترض استدلال المستدل بدليله؛ فإذا كان المستدل يستدل على مسألة ما بدليل من السماع مثلًا؛ فإن هناك أمورًا يمنع بها المعترض هذا الاستدلال؛ كأن يطعن في السند أو يعترض على المتن باختلاف الرواية أو نحو ذلك؛ وإذا كان المستدل يستدل باستصحاب الحال؛ فقد ذكر الأنباري أن للمعترض أن يعترض عليه بأن يذكر دليلًا يدل على زوال استصحاب الحال، ولم يكتفِ الأنباري بذكر الاعتراض وحده وإنما ذكر كيفية الجواب عنه.

فقال في (الإغراب في جدل الإعراب): "الاعتراض على الاستدلال باستصحاب الحال: وهو أن يذكر دليلًا يدل على زوال استصحاب الحال، مثل: أن يدل الكوفي على زواله إذا تمسك البصري به في بناء فعل الأمر؛ فيبين أن فعل الأمر مقتطع من الفعل المضارع ومأخوذ منه، وأن الفعل المضارع قد أشبه الاسم وزال عنه استصحاب حال البناء وصار معربًا بالشبه؛ فكذلك فعل الأمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015