بقيت على أصلها والتمسك بالأصل تمسك باستصحاب الحال، وهو من الأدلة المعتبرة.
والمسألة الثالثة: دلالة كان على الحدث والزمان:
وهذه المسألة منقولة عن ابن مالك في كتابه (تسهيل الفوائد)؛ إذ كان ابن مالك من الذين يستدلون باستصحاب الحال، وقد استدل بهذا الدليل في هذه المسألة في أثناء رده على من زعم أن "كان" تدل على الزمن ولا تدل على الحدث، وقد ذهب إلى هذا الرأي جماعة من العلماء، منهم ابن جني، المتوفى سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة من الهجرة، وابن برهان، المتوفى سنة ست وخمسين وأربعمائة، وعبد القاهر الجرجاني، المتوفى سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، فقد ذهبوا إلى أن "كان" وأخواتها تدل على زمن وقوع الحدث ولا تدل على الحدث.
ورد ابن مالك -رحمه الله- دعواهم من عشرة أوجه، كان أولها وثانيها: أن بين أن هؤلاء النحاة جميعًا يذهبون إلى أن "كان" وأخواتها أفعال، ومن المعلوم أن الفعل يدل على الحدث والزمن؛ فإذا كانت كان وأخواتها أفعالًا؛ فإنها تدل لا محالة على الحدث والزمن؛ إبقاء للأصل: وهو دلالة الفعل عليهما.
وقال -رحمه الله- في (شرح التسهيل): "ودعواهم باطلة من عشرة أوجه:
أحدها: أن مدعي ذلك -أي: من يدعي عدم دلالة "كان" على الحدث- معترف بفعلية هذه العوامل، والفعلية تستلزم الدلالة على الحدث والزمان معًا؛ إذ الدال على الحدث وحده مصدر، والدال على الزمان وحده اسم زمان، والعوامل المذكورة ليست بمصادر ولا أسماء زمان؛ فبطل كونها دالة على أحد المعنيين دون الآخر.