(الاقتراح) - وقد نقل السيوطي مسألتين عن كتاب (الإنصاف) لأبي البركات الأنباري، ودعاه إلى ذلك أمران:
أحدهما: الرغبة في الوفاء بما ذكره في مقدمة (الاقتراح)؛ إذ قال: وضممت إليه من كتابه (الإنصاف) في مباحث الخلاف جملة.
والآخر: كثرة مسائل الخلاف التي استدل فيها الأنباري بالاستصحاب في كتابه (الإنصاف في مسائل الخلاف).
كما نقل السيوطي مسألة عن ابن مالك في (التسهيل) ومسألة عن الأندلسي في (شرح المفصل)؛ فهذه أربع مسائل نشير إليها مبينين الاستدلال فيها باستصحاب الحال، وهي:
المسألة الأولى: القول بأن "كم" مفردة لا مركبة:
وهو رأي البصريين، وحجتهم في ذلك -كما يقول الأنباري في (الإنصاف في مسائل الخلاف) -: "إن الأصل هو الإفراد؛ وإنما التركيب فرع؛ ومن تمسك بالأصل خرج عن عهدة المطالبة بدليل؛ ومن عدل عن الأصل افتقر إلى إقامة الدليل لعدوله عن الأصل، واستصحاب الحال أحد الأدلة المعتبرة". انتهى.
فقد استدل البصريون على إفراد "كم" باستصحاب الحال؛ لأنه دليل يعول عليه.
والمسألة الثانية: إعمال حرف القسم محذوفًا بعوض:
فقد ذهب البصريون إلى أنه لا يجوز إعمال حرف الجر محذوفًا إلا بعوض؛ كألف الاستفهام في نحو: آللهِ ما فعلت كذا؟! أو هاء التنبيه نحو: "هالله" وحجتهم في ذلك -كما قال الأنباري في (الإنصاف) -: إن الأصل في حروف الجر ألا تعمل مع الحذف؛ وإنما تعمل معه في بعض المواضع إذا كان لها عوض؛ فإذا لم يوجد