والجمع بين الألفين المدَّتين، وتقدير الحركات في الاسم المقصور. ونوع يمكن تخلُّفه بمشقة، وهذا لاحق بعلل الفقهاء كقلب الواو الساكنة ياء لكسر ما قبلها؛ إذ يمكن أن تقول في عصافير: عصافِوْرٌ، لكن على كره ومشقة، ومنه تقدير الضمة والكسرة في الاسم المنقوص.
والأمر الثالث الأخير: أن النحويين قد انتزعوا العلل من كتب محمد بن الحسن وجمعوها منها بالملاطفة والرفق، ومحمد بن الحسن هو صاحب أبي حنيفة، ومؤلف الكتب النادرة في الفقه، وهو ابن خالة الفراء تُوفي بالرّي سنة ثمان وتسعين ومائة، في اليوم الذي مات فيه الكسائي، وقيل: إن الرشيد قال يومئذٍ: دَفَنت الفقه والعربية بالري.
هذا العنصر هو موضوع الفصل العشرين في (لمع الأدلة) لأبي البركات الأنباري، وقد نقله السيوطي في (الاقتراح)، ومجمل هذا الموضوع اختلاف العلماء في إثبات حكم وارد في نصٍّ من كتاب، أو حديث، أو كلام العرب، كرفع لفظ الجلالة مثلًا في نحو: قال اللهُ، بماذا ثبت أبالنصّ أم بالعلة؟
فذكر الأكثرون إلى أنه يثبت بالعلة لا بالنص، أي: بإسناد فعل تقدَّمه إليه لا بالنص من المتكلم به؛ إذ لو كان بالنص لسُدَّ باب القياس، وصار الحكم مقصورًا على النص في محله، لأن القياس حمل فرع على أصل بعلة جامعة، فإذا فُقدت العلة الجامعة بطل القياس، وكان الفرع مأخوذًا من غير أصل، وذلك مُحال. ألا ترى أنا لو قلنا: إن الرفع والنصب في نحو: ضرب زيد عمرًا بالنص لا بالعلة؛ لبطل الإلحاق بالفاعل والمفعول والقياس عليهما، وذلك لا يجوز.