لمجاورتها الفعل بلا فاصل كقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} (الفيل: 1) أي: ولا يجاور الفعلُ الفعلَ بلا فاصل، فتحلل عقد شُبَه خلاف المدَّعي.
وأما الصنف الثاني من العلل فلم يتعرض له الجليس، ولا بيَّنه، وإنما بينه ابن السراج في كتابه (الأصول في النحو) فقال: "واعتلالات النحويين على ضربين: ضرب منها هو المؤدِّي إلى كلام العرب كقولنا: كل فاعل مرفوع، وضرب آخر يُسمَّى علة العلة مثل أن يقولوا: لما صار الفاعل مرفوعًا والمفعول به منصوبًا، ولما إذا تحركت الياء والواو وكان ما قبلهما مفتوحًا قلبتا ألفًا، وهذا لا يكسبنا أن نتكلم كما تكلمت العرب، وإنما نستخرج منه حكمتها، ونبيّن بيها فضل هذه اللغة على غيرها من اللغات" انتهى.
وعقَّب عليه ابن جني بقوله في (الخصائص): "بأن هذا الذي سماه علة العلة، إنما هو تجوّز في اللفظ، فأما في الحقيقة فإنه شرح وتفسير وتتميم للعلة، ألا ترى أنه إذا قيل له: فلم ارتفع الفاعل؟ قال: لإسناد الفعل إليه، ولو شاء لابتدأ هذا فقال في جواب رفع زيد من قولنا قام زيد؛ إنما ارتفع لإسناد الفعل إليه، فكان مغنيًا عن قوله إنما ارتفع بفعله، حتى تسأله فيما بعدُ عن العلة التي ارتفع لها الفاعل، وهذا هو الذي أراده المجيب بقوله: ارتفع بفعله، أي: بإسناد الفعل إليه" انتهى.
اعتمد السيوطي على ما أورده ابن جني في (الخصائص) بعنوان: باب ذكر الفرق بين العلة الموجبة وبين العلة المجوزة، وما أورده في (الخصائص) كذلك بعنوان باب في تخصيص العلل وخلاصة المنقول عن البابين في (الاقتراح) ثلاثة أمور: