الضمير لأنه -أي: اسم الفاعل- جرى مجرى ومعنى على من هو له، ومعنى جريه على من هو له: أنه وقع خبرًا رافعًا لضمير يعود على مبتدئه؛ فهو في المعنى لمبتدئه؛ فإذا جرى اسم الفاعل على غير من هو له خبرًا أو صفة مثلًا؛ وجب عند البصريين إبراز الضمير الذي يرفعه اسم الفاعل مطلقًا، أي: سواء ألبس أم لم يلبس، وذلك نحو: أن تقول عند إرادة الإخبار بضاربية زيد ومضروبية عمرو، زيدٌ عمرٌو ضاربُه هو؛ فاسم الفاعل في الجملة المذكورة جارٍ على غير من هو له؛ لأنه لم يقع خبرًا عن زيد الواقع مبتدأ أولًا؛ وإنما هو خبر عن عمرو الواقع مبتدأ ثانيًا، والضمير البارز هو عائد على زيد، وبذلك علم أن الضاربية له؛ ولو لم يبرز واستتر لأفاد التركيب عكس هذا المعنى، ومثال ما أمن فيه اللبس: زيدٌ هندٌ ضاربُها هو، وهندٌ زيدٌ ضاربتُه هي؛ وإنما أبرز الضمير في المثالين مع أمن اللبس طردًا للباب على وتيرة واحدة.
وقيد الكوفيون وجوب إبراز الضمير باللبس فقالوا: لا يجب إبراز الضمير إلا فيما يؤدي عدم إبرازه إلى اللبس، والراجح ما ذهب إليه البصريون، وأدلة الفريقين في المسألة الثامنة من كتاب (الإنصاف) لأبي البركات الأنباري؛ فإذا كان الأمر كذلك في اسم الفاعل الذي هو أقوى شبهًا بالفعل من الصفة المشبهة؛ فإنه يجب أن يبرز الضمير مع الصفة المشبهة به؛ لأنها ضعيفة الشبه بالفعل؛ إذ هي مشبهة باسم الفاعل القاصر؛ ولضعفها وجب إبراز ضميرها عند جريانها على غير من هي له من باب أولى؛ قياسًا على اسم الفاعل، وفي ذلك يقول ابن جني في (الخصائص): "ومن الاعتلال لهم بأفعالهم أن تقول: إذا كان اسم الفاعل على قوة تحمله للضمير متى جرى على غير من هو له صفةً أو صلةً أو حالًا أو خبرًا؛ لم يحتمل الضمير كما يحتمله الفعل؛ فما ظنك بالصفة المشبهة باسم