ومعنى ما قاله السيوطي: أن هناك إجماعًا على أن الحكم إذا ثبت استعماله عن العرب كان القياس عليه مما لا خلاف فيه؛ كرفع نائب الفاعل قياسًا على الفاعل، والذي نلحظه في هذا المثال أن الحكم مستفاد فيه من استعمال العرب؛ فلا خلاف بين العلماء في جوازه؛ أما إذا كان الحكم مما ثبت بالقياس والاستنباط؛ فالظاهر من كلامهم أنه كسابقه يجوز القياس عليه.

وقد أشار السيوطي في هذا الصدد إلى أن ابن جني قد أفرد بابًا في (الخصائص) عنوانه: باب في الاعتلال لهم بأفعالهم -أي: في الاعتلال للعرب- ومعنى الاعتلال: طلب العلة وإظهارها، ومعنى اعتلال النحوي للعرب: أن يذكر علة لأحكام كلامهم ويوجهها بتوجيه مأخوذ من أصول قواعد خطاباتهم بأفعالهم الصادرة منهم؛ فيستنبط منها توجيهات لأفعال أخرى في الكلام، والمراد بأفعالهم: تصرفاتهم في الكلام.

ومن الأمثلة الدالة على أن الحكم الثابت بالقياس والاستنباط يجوز القياس عليه: قياس الصفة المشبهة على اسم الفاعل في حكم ثبت لاسم الفاعل بالاستنباط والقياس وليس بالسماع عن العرب، وهذا الحكم: هو أن اسم الفاعل لا يتحمل الضمير إذا جرى على غير من هو له، وهذا الحكم ثابت بالاستنباط، وتقاس الصفة المشبهة عليه، ويثبت لها حكم اسم الفاعل.

وقبل أن نذكر ما أورده ابن جني في (الخصائص) ونقله عنه السيوطي في (الاقتراح) يحسن بنا أن نشرح هذه المسألة النحوية لما يترتب على شرحها من فائدة محققة تعين على فهم هذه المسألة الأصولية:

أجمع البصريون والكوفيون على أن الضمير في اسم الفاعل إذا جرى على من هو له لا يجب إبرازه؛ فلو قلت: زيد مكرِمي وجعفر مكرمك؛ لم يلزم إبراز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015