الصفات فيه، أو أن الخليل أنكر ذلك لأنه في ما لامه حرف حلقي والعرب لم تبنِ المثال مما لامه حرف حلق، خصوصًا وحرف الحلق فيه متكرر، وذلك مستنكر عندهم مستثقل؛ وإنما استنكر العرب ذلك لتوالي العينين، وفي تواليهما من التنافر والثقل ما لا يخفى؛ فالثقل هو المانع، لا ما قد يقال من القياس، وقد اكتفى السيوطي بإيراد الجواب الأخير في (الاقتراح)، ولم يذكر غيره مما ذكره ابن جني؛ لأن هذا الوجه -كما وصفه ابن جني- هو ألطف من جميع ما جرى ذكره من أجوبة وأصنعه، أي: أقربه إلى قواعد الصنعة وأصولها.
ونختم الحديث بما ذكره ابن جني من أن من قوة القياس عندهم اعتقاد النحويين أن ما قيس على كلام العرب فهو من كلامهم، نحو قولك في بناء مثل جعفر من ضرب: ضرْبَب، وهذا من كلام العرب، ولو بنيت مثله ضيْرَب، أو ضوْرَب، أو ضرْوَب ... أو نحو ذلك؛ لم يعتقد من كلام العرب؛ لأنه قياس على الأقل استعمالًا والأضعف قياسًا.
ومعنى ما قاله ابن جني أن قولك: ضرْبَب -الملحق بجعفر- معدود من كلام العرب لكثرته في كلامهم؛ لأن الإلحاق المطرد يكون بتكرير اللام، أما الإلحاق بغير تكرير اللام كزيادة الياء في قولك: ضيْرَب أو زيادة الواو في قولك: ضوْرَب أو ضرْوَب؛ فهو قليل في الاستعمال ضعيف في القياس، وما كان كذلك لم يجز الرجوع إليه ولا القياس عليه.
وقد اعتمد ابن جني فيما اعتمد عليه في ذلك على ما ذكره أبو عثمان المازني من أن أقيس الإلحاق أن يكون بتكرير اللام؛ فباب شمللتُ وسعررتُ أقيس في الإلحاق من باب حوقلتُ وبيطرتُ وجهورتُ، وهذا التفصيل الذي ذكره ابن جني هو الذي مشى عليه كثير من المحققين.