أما الفائدة الفقهية التي أشار إليها السيوطي فهي المعروفة بمهر السّرّ والعلانية، وهي: إذا تزوج رجل امرأة بألف واصطلح على تسمية الألف بألفين، هل الواجب ألف لأنه مقتضى الاصطلاح اللغوي، أو ألفان نظرًا لهذا الوضع الحادث؟ اختلف في ذلك الفقهاء وصحَّحوا كلًّا من الاعتبارين.
وأما الفائدة النحوية فهي النظر في جواز قلب اللغة، فحُكي عن بعض القائلين بالتوقيف منع القلب مطلقًا؛ فلا يجوز تسمية الثوب فرسًا، والفرس ثوبًا، وعن القائلين بالاصطلاح تجويزه. وأما المتوقفون فاختلفوا، فذهب بعضهم إلى التجويز كمذهب قائل الاصطلاح، وبعضهم إلى المنع، وهذا كله فيما لا يؤدّي قلبه إلى فساد النظام، أو تغييره إلى اختلاط الأحكام، فإن أدَّى إلى ذلك فلا يختلف في تحريم قلبه.
هدف السيوطي من إيراد هذه المسألة تالية لمسألة الحديث عن وضع اللغة، وواضعها أن يبيّن أن اللغة هي لفظ ومعنًى؛ فاللفظ إطار المعنى، أو هو الصورة التي تُعبّر عن المضمون، فينبغي أن تكون هناك مناسبة بين الألفاظ ومدلولاتها، وقد نقل أهل أصول الفقه عن عباد بن سليمان الصيمري، وهو من المعتزلة أنه ذهب إلى أنه بين اللفظ ومدلوله مناسبة بالطبع، أي: طبيعية حاملة للواضع على أن يضع، قال: "وإلا لكان تخصيص الاسم المعين بالمسمى المعين ترجيحًا من غير مُرجح"، وأنكر الجمهور هذه المقالة وقال: "لو ثبت ما قاله لاهتدى كل إنسان إلى كل لغة، ولما صح وضع اللفظ للضدّين كـ"القرء" للحيض والطهر، و"الجون" للأبيض والأسود"، وأجابوا عن دليل عباد بأن التخصيص بإرادة الواضع