عن الاستنكار موافقة وإن لم يصرحوا بها، وهو أحد الأدلة المعتبرة عند الفقهاء؛ فكثير من المحققين اعتبره وأجراه مجرى الإجماع القولي.

وقد انتقل هذا المصطلح من أصول الفقه إلى أصول النحو، ولم يكن أبو البقاء العكبري يعتد بالإجماع السكوتي من النحاة، ومن ثم فقد أحدث قولًا ثالثًا في مسألة نقلها عنه السيوطي ونسبها إلى كتابه (التبيين) وليس في كتاب (التبيين) المطبوع بين أيدينا شيء مما نقله السيوطي عنه؛ فلعله نقل ذلك عن نسخة خطية أخرى من الكتاب لم تصل إلينا.

وخلاصة القول في هذه المسألة: أن أبا البقاء العكبري يرى أن الضمير المتصل بـ"لولا" في نحو: لولاك، ولولاي، يجوز فيه وجهان لم يذكرهما الجمهور:

أحدهما: ألا يكون للضمير موضع من الإعراب.

والآخر: أن يكون هذا الضمير في موضع نصب.

وهذان القولان لم يسبق إليهما أحد من النحويين؛ وإنما النحويون في هذا الضمير وجهين وهما:

- أن يكون في موضع جر لأن "لولا" جارة، وهو قول جمهور البصريين.

- وذهب الأخفش والكوفيون إلى أن الضمير في موضع رفع على الأصل؛ لأن "لولا" إنما يليها المبتدأ ولا عمل لها أصلًا.

أما أبو البقاء العكبري؛ فقد أداه الاجتهاد إلى القولين الذين سبق ذكرهما، ثم أورد العكبري على نفسه سؤالًا حاصله: أن ما ذهب إليه خلاف الإجماع، والقول بما يخالف الإجماع مردود بناء على ما هو التحقيق من أنه لا يجوز خرق إجماع علماء العربية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015