(لمع الأدلة) لذكر اختلاف علماء اللغة في جوازها فقال: "اعلم أن العلماء اختلفوا في جواز الإجازة، فذهب قوم إلى جوازها وذهب آخرون إلى أنها غير جائزة" انتهى.
ففي المسألة إذًا رأيان: أحدهما: الجواز، والآخر: المنع، وحجة من أجاز أن النبي -صلوات الله وسلامه عليه- كتب إلى ملوك؛ فنزل ذلك منزلة قوله وخطابه، وكتب صحيفة الزكاة والديات، ثم صار الناس يُخبرون بها عنهم، ولم يكن هذا إلا بطريق المناولة والإجازة. والمراد بالمناولة أن يناول العالم التلميذ كتابًا ليروي عنه ما فيه؛ فكان ما فعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- دليلًا على جواز الإجازة، وهو الرأي الذي ذهب إليه أبو البركات الأنباري ووافقه فيه السيوطي، وذهبت طائفة قليلة وُصفت بأنها شرذمة -أي: جماعة قليلة- إلى عدم جواز الإجازة، وحجتهم في ذلك أن المتكلم يقول: أخبرني فلان، ولم يحدث إخبار، وقد ردَّ أبو البركات الأنباري هذا القول، ووصفه بأنه غير صحيح فقال: "وليس بصحيح، فإنه يجوز لمن كتب له إنسان كتابًا ذكر فيه أشياءً أن يقول: أخبرني فلان في كتابه بكذا، ولا يكون كاذبًا" انتهى.
وخلاصة القول: أن الإجازة جائزة، بل هي إحدى الوسائل التي ينتقل بها العلم من العالم إلى تلميذه، ولا عبرة بقول من منعها".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.