بأنه محرم عليه، فلم يُؤمَن مع ذلك أن يكذب مع علمه بتحريمه، أي: مع علمه بأن الكذب محرم عليه أيضًا".
وبعد أن بين أبو البركات الأنباري أن نقل العدل الواحد مقبول بيَّن أنه لا يشترط أن يوافقه غيره؛ فقال: "ويُقبل نقل العدل الواحد، ولا يشترط أن يوافقه في النقل غيره؛ لأن الموافقة لا تخلو إما أن تُشترط لحصول العلم أو لغلبة الظن، بطل أن تكون لحصول العلم؛ لأن العلم لا يحصل بنقل اثنين، فوجب أن تكون لغلبة الظن، وغلبة الظن قد حصلت بخبر الواحد من غير موافقة" انتهى.
ومعنى كلام الأنباري: أنه لا يُشترط في قبول العدل الواحد أن يُوافقه غيره.
والنقطة الثانية: قبول نقل أهل الأهواء:
والمراد بأهل الأهواء: أصحاب الأهواء الفاسدة، والآراء الضالة من المبتدعة كالمعتزلة والرافضة ونحوهم، والأهواء في اللغة جمع: هوى، وهو العشق والحب، ثم أطلقوه إذا أرادوا الشيء المستقبح. وقد عقد أبو البركات الأبناري الفصل السابع من فصول كتابه (لمع الأدلة) في قبول نقل أهل الأهواء، ولخصه السيوطي في (الاقتراح) في جملة واحدة؛ إذ قال: "ويقبل نقل العدل الواحد، وأهل الأهواء إلا أن يكونوا ممن يتديَّنون بالكذب" انتهى ما قاله السيوطي.
ومعنى ما قاله السيوطي: أنه يُقبل نقل أهل الأهواء إلا إذا كانوا ممن يتخذون الكذب دينًا كالخطّابية من الروافض، وما ذكره السيوطي هو من كلام الأنباري في (لمع الأدلة) إذ قال -رحمه الله-: "اعلم أن نقل أهل الأهواء مقبول في اللغة وغيرها، إلا أن يكونوا ممن يتديَّن بالكذب كالخطابية من الرافضة" انتهى.
وليس هذا القول موضع إجماع العلماء، فمن العلماء من ذهب إلى أن نقل أهل الأهواء لا يُقبل، وقد أشار الأنباري إلى هذا الرأي بقوله: "وزعم بعضهم أنه لا