قدحوا في (العين) لم يكن قدحهم فيه سببًا يصرف الناس عن الكتاب وعن الإفادة منه.
وقد أجاب الفخر عن الإشكالات كلها بقوله: "والجواب عن الإشكالات كلها: أن اللغة والنحو والتصريف تنقسم قسمين؛ قسم منه متواتر والعلم الضروري حاصل به، أو حاصل بأنه كان في الأزمنة الماضية موضوعًا لهذه المعاني، فإنا نجد أنفسنا جازمة بأن السماء والأرض -يعني: لفظتيهما- كانتا متسعملتين في زمنه -صلى الله عليه وسلم- في معناهم المعروف، وكذلك الماء والهواء والنار وأمثالها. وكذلك لم يزل الفاعل مرفوعًا، والمفعول منصوبًا، والمضاف إليه مجرورًا. وقسم منه مظنون وهو الألفاظ الغريبة، والطريق إلى معرفتها الآحاد، وأكثر ألفاظ القرآن ونحوه وتصريفه من القسم الأول والثاني قليل جدًّا، فلا يتمسَّك به في القطعيات، ويتمسك به في الظنيات" انتهى.
وحاصل هذا الكلام أن الطريق إلى معرفة اللغة هو النقل بشقيه: المتواتر والآحاد، وأن القدح فيهما وإيراد الإشكالات عليهما لا يمنع من كونهما طريق معرفة اللغة.
إن المراد بالنقل عن النفي هو أن يقول القائل: لم أره، أو لم أقف عليه، أو لم أجده، أو نحو ذلك من العبارات التي تدل على نفي الشيء وعدم وجوده، وذلك بخلاف قوله: لا أعرفه، أو لا أذكره، فليس في هذين القولين ونحوهما دليلٌ على نفي الشيء.
والسؤال الذي يطرحه هذا العنصر هو: هل في نفي المتكلم العلم بالشيء دليل على عدم وجود الشيء؟