أما المعنى المعجمي لكلمة لغة، وتصريفها، ومعرفة حروفها؛ فإنها فعلة من لغوت أي: تكلمت، ومن المعاني التي دارت حولها مادة اللام والغين والواو، في كلام العرب: الخطأ، والباطل، والفحش في القول، والنطق، والتلفظ، والتكلم، يقال: لغى الرجل في القول يلغى، كسعى يسعى، ولغى يلغو لغوًا: تكلم باللغو، وهو أخلاط الكلام، ولغي يلغى كرضي يرضى لغًا وملغاة: أخطأ وقال باطلًا، واللاغية: الفاحشة، ولغي بالأمر يلغى من باب رضي أيضًا: لهج به، ويقال: إن اشتقاق اللغة من ذلك، وحذفت اللام وعُوّض منها التاء، وأصلها لغوة كغرفة؛ فلامها واو، قال ابن جني: "وأصلها لغوة ككرة وقلة وثبة، كلها لاماتها واوات لقولهم كروت بالكرة، وقلوت بالقلة، ولأن ثبة كأنها من مقلوب ثاب يثوب" انتهى.
وقول ابن جني: "وأصلها لغوة ككرة ... " إلى آخره، يريد أنها كانت في الأصل لغوة، أي: قبل الإعلال والتعويض، ثم نقلت حركة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها، وهو حرف الغين؛ فبقيت الواو ساكنة فحذفت وعوض منها التاء كما مر، والكرة معروفة، والقلة هي الخشبة الصغيرة تُنصب ليلعب بها الصبيان، والثبة الجماعة من الناس وغيرهم.
وأما في الاصطلاح فقد حدها ابن جني "بأنها أصوات يُعبّر بها كل قوم عن أغراضهم"، ومعنى ما قاله ابن جني -رحمه الله- أن اللغة هي وسيلة التعبير والتفاهم بين أعضاء المجتمع الواحد، ولقد أخذ ابن خلدون هذا المعنى؛ فذكر في (المقدمة) في الفصل السادس الذي عقده في علوم اللسان العربي الأربعة: اللغة، والنحو، والبيان، والأدب، ذكر: "أن اللغة هي عبارة المتكلم عن مقصوده، وتلك العبارة فعلٌ لساني، فلا بد أن تصير ملكة متقرّرة في العضو الفاعل لها، وهو اللسان، وهو في كل أمة بحسب اصطلاحاتهم" انتهى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.