وإذا كانت إحدى اللفظتين أكثر في كلامه من الأخرى ففي اجتماعهما احتمالان:
الأول: أن تكون اللفظة التي كثر استعمالها في كلامه هي لغته الأصلية، وتكون اللفظة الأخرى التي قل استعماله إيَّاها هي الجديدة المستحدثة.
والثاني: أن تكون اللفظتان معنى اللغتين له ولقبيلته، وإنما قلت إحداهما لضعفها أو شذوذها، ومذهب العربي الاستخفاف بالأضعف واستعمال الأقوى؛ لأن الأقوى أحق وأحرى، كما أنهم لا يستعملون المجاز إلا لضرب من المبالغة.
الأمر الثاني: وهو تداخل لغتين وهو الذي عنوانه في (الخصائص) باب في تركب اللغات، ومعناه:
أن يؤخذ الماضي من لغة والمضارع أو الوصف من لغة أخرى لا تنطق بالماضي كذلك، فمثال ما أُخذ المضارع من لغة أخرى قول بعضهم: قنط يقنط بفتح العين في الماضي والمضارع، وهما لغتان تداخلتا؛ لأن الفعل الماضي قنط بفتح العين يكون مضارعه يقنط بكسر العين في المضارع. أما الفعل قنط بكسر العين في الماضي فمضارعه يقنط بفتح العين في المضارع، ثم تداخلت اللغتان فتركبت لغة ثالثة بفتح العين في الماضي والمضارع.
ومثاله أيضًا قول بعضهم: قلى يقلى بفتح العين في الماضي والمضارع على غير قياس؛ لأن مضارع قلى المفتوح العين هو يقلي بكسر العين نحو: رمى يرمي، ومضارع قلي المكسور العين هو يقلَى بفتح العين، فتركبت من اللغتين لغة ثالثة. ومثاله أيضًا قول بعضهم: فضل يفضل بكسر العين في الماضي وضمها في المضارع، وهما لغتان تداخلتا؛ لأن من العرب من يقول: فضل يفضل بفتح