أبى يأبى، وليس لها ثانٍ، فإن قيل: ركن يركن بفتح العين فيهما كان فيه تداخل لغتين؛ لأن ركن بفتح العين في الماضي لغة فصيحة، ومضارعه يركن بضم العين في المضارع، وأما يركن بفتح العين في المضارع، فهو مضارع لركن المكسور، فإن قيل: ركن يركن بالفتح فيهما، كان فيه تداخل لغتين وتركيبهما، حتى صارتَا لغة واحدة، وهو غير المراد من هذا الباب.
وقد أفرد ابن جني لتداخل اللغات بابًا آخر عنوانه: باب في تركب اللغات، وجاء فيه بأنواع من التداخل التي أورد السيوطي بعضها، وأشار شراح كتاب (الاقتراح) إلى أن السيوطي قد خلط بين بابين؛ هما: باب الفصيح يجتمع في كلامه لغتان فصاعدًا، وباب: تركب اللغات، حتى ذكر أحد شراح (الاقتراح) أن السيوطي قد أجحف بكلام ابن جني غاية الإجحاف، وجعل بابين مستقلّين في فرع واحد، وأدخل بعضهما في بعض، ولا بد من مراجعة كلام ابن جني، ووضع هذا العنصر في أمرين يتناول أحدهما اجتماعَ لغتين، ويتناول الآخر تداخلَ اللغات.
وبِناءً على ما سبق يندرج تحت هذا العنصر أمران:
الأول: اجتماع لغتين فصاعدًا في كلام فصيح.
والثاني تداخل لغتين.
الأمر الأول: وهو اجتماع لغتين فصاعدًا في كلامٍ فصيحٍ، فنقول:
إن اجتماع لغتين فصاعدًا في كلام فصيح ليس نذرًا قليلًا، وإنما هو كثير في كلام الفصحاء كثرة ظاهرة حتى وصفه ابن جني بقوله "وما اجتمعت في لغتان أو ثلاث أكثر من أن يحاط به". انتهى.
ومما اجتمعت في لغتان قول لبيد بن أبي ربيعة العامري: