وقد استأنس القائلون بجواز الأخذ بأسهل الأقوال بما رُوي عن الإمام أحمد أنه سأله رجلٌ عن مسألةٍ في الطلاق، فقال: إن فعل حنث. فقال له: يا أبا عبد الله، إن أفتاني إنسان (يعني: بعدم الحنث)، فقال: تعرف حلْقةَ المدنيين؟ ـ حلقة بالرّصافة ـ فقال له: إنْ أفتوني يحلُّ؟ قال: نعم (?).
وهذا النقلُ ليس دالاًّ على تجويز الإمام أحمد اتّباع المقلِّد لرخص المذاهب؛ لأن القصةَ تدل - إن صحّتْ - على جواز أخذ المقلِّد في مسألةٍ اجتهاديةٍ لا نصَّ فيها بأسهل الرأيين، ولم يظهر من كلام السائل ولا من كلام الإمام أحمدَ ما يدلُّ على أن ذلك من عادةِ السائل وديدنِه في مسائل الخلاف.
وقد يُنازَع في دلالة القصة حتى على التخيُّر عند اختلاف المجتهدين ولو لم يُتّخذْ عادةً؛ لأن الإمامَ أحمدَ أرسله إلى علماءٍ ثقاتٍ يعرفهم، وقال له إنْ أفتوك بالحلّ فرأيُهم أرجحُ لكثرتهم، وللعاميّ عند اختلاف المفتين أنْ يأخذَ بقول الأكثر منهم؛ لأن الكثرةَ من المرجِّحات.