يُقصدُ بتتبُّع الرخص: الأخذُ بأخف الأقوال في المسائل الخلافية.
وهذا العملُ قد يحصُل من مجتهدٍ أو مقلدٍ.
فالحاصل من المجتهد لا يجوز إلا أنْ يؤدّيَه اجتهادُه إلى رجحانه مطلقاً، أو في صورةٍ من الصور التي سئلَ عنها. كما تقدم في التلفيق.
وأما من المقلد فإن التتبعَ للرخص لا يكونُ إلا ممن له علمٌ بالمذاهب؛ وقد أجازه بعضُ العلماء. والصوابُ منعُه؛ لأن فرضَ المقلد سؤالُ أهل العلم، كما قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل43].
ولأن تتبعَ الرخص يؤدّي إلى التحلُّل من رِبقة التكاليف الشرعية، وهو عملٌ بالهوى بدون دليل. ولهذا قال بعضُ العلماء: مَن تتبّع الرخصَ فقد تزندق.
وينبغي أنْ يُعلمَ أن تتبعَ الرخص إنما يتحقّقُ في شأن مَن هذا ديدنُه في مسائل الخلاف.
وأما من أخذ في مسألة أو مسألتين بالقول الأخفّ لحاجته إليه: فهذا قد اختُلف في صحّة عمله، بناءً على ما ذكرناه سابقاً في مسألة العامي إذا سأل أكثر من عالم فاختلفوا فماذا يصنع؟ وقد ذكرت في المسألة أقوال كثيرة، منها: أن له أنْ يأخذَ بالأسهل.
ولكن الراجحَ أنه يطلبُ الترجيحَ فيأخذُ بفتوى الأعلم والأورع، فإنْ تساويا سأل ثالثاً.