اتفق العلماء على أن الأمر يشترط فيه إرادة التكلم بالصيغة، فلو صدر اللفظ من نائم ونحوه لا يسمى أمرا في الاصطلاح وإن وجدت الصيغة، ولكنهم اختلفوا هل يشترط فيه إرادة الآمر إيقاع الفعل المأمور به؟
فذهب المعتزلة إلى أن ذلك شرط في تسميته أمرا، فإذا لم يرد المتكلم بالصيغة وقوع المأمور به لا يسمى أمرا.
وذهب الأشعرية إلى أنه ليس بشرط، فيسمى أمرا سواء أراد الآمر وقوع الفعل أم لا.
استدل المعتزلة بأن الله لا يأمر بما لا يريد وقوعه، وإلا لكان ظالما وهو سبحانه منزه عن الظلم. وبقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل90]، وليس من العدل والإحسان أن يأمرنا بشيء لا يريد منا إيقاعه.
واحتج الأشعرية ومن تبعهم بأن الله يأمر الكافر بالإيمان وربما لم يؤمن، ولو أراد الله منه الإيمان لوقع؛ لأن الله وصف نفسه بأنه: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج16].
وهذا الخلاف لم يرد على محل واحد، والفريقان أخطآ معا؛ حيث لم ينتبهوا إلى أن الإرادة نوعان:
إرادة كونية قدرية: وهذه هي التي لا بد من وقوع متعلقها فيصح أن يقال: ما أراده الله لا بد أن يقع، بمعنى ما أراد الله وقوعه إرادة كونية قدرية، أي ما قدر وقوعه وقع، والأشعرية نظروا إلى هذا النوع من الإرادة فوجدوا أن الله يأمر بأشياء ثم لا تقع فقالوا إذاً هو لم يرد وقوعها بمعنى لم يقدر في الأزل وقوعها.