حكم العمل بالمصلحة المرسلة:

ذهب جمهور الفقهاء إلى الاستدلال بالمصلحة المرسلة في إثبات الأحكام الشرعية، وأكثر الإمام مالك من العمل بها حتى ظن بعض الناس اختصاصه بها.

والأصوليون يذكرون خلافا قويا في عدها من الأدلة، وينقلون عن الإمام الشافعي إنكار الاحتجاج بالمصلحة التي لا ينتظم منها قياس صحيح، ورأى الغزالي أن ما يقع منها في مرتبة الضروريات يمكن الاحتجاج به وإن لم يشهد له أصل معين، بخلاف ما يقع في رتبة الحاجيات والتحسينيات، وأنكر ابن قدامة الاحتجاج بها في روضة الناظر، ولكنه في كتبه الفقهية يعلل بالمصلحة المرسلة أحيانا.

وفي المقابل نجد الطوفي يرى أن المصلحة إذا كانت ضرورية تقدم على النص، وقد أنكر عليه هذا من جاء بعده واستبشع قوله.

والحق أن المصلحة الضرورية القطعية لا يمكن أن يوجد في النصوص ما يعارضها.

فهذا القول وإن كان في ظاهره شناعة، إلا أنه لا يترتب عليه عمليا ما يحملنا على اتهام الطوفي في عقيدته، كما فعل بعض من رد عليه؛ لأنه لا يوجد مثال صحيح تتعارض فيه مصلحة ضرورية مع نص شرعي صحيح.

وخلاصة القول أن الذين خالفوا في الاحتجاج بالمصلحة المرسلة إنما خالفوا في عدها دليلا مستقلا أو في تقديمها على النصوص أو في المصالح المعارضة بمثلها أو بما هو أعظم منها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015