الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين والملأ الأعلى إلى يوم الدين.
ثم أما بعد: فموضوعنا اليوم في أصول الفقه موضوع هام، ألا وهو: المنطوق والمفهوم، وسأقوم بشرح المنطوق أولاً وأرجئ المفهوم إلى الدرس القادم.
فأقول وبالله التوفيق: دلالة الألفاظ على المعاني إما أن تكون بمنطوق اللفظ أو بمفهومها، وهذا موضوع مهم، إذ ليس كل لفظ يقال يراد به المنطوق، فقد يكون المفهوم أولى من المنطوق، مثال ذلك: يقول رب العالمين في حق الوالدين: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء:23]، فالمنطوق هنا هو أن يقول الولد لأبيه أو أمه: أف، والمفهوم: ما هو أعلى من الأف كالضرب والسب واللعن، وعليه فمن باب أولى إن حرم الله الأدنى أن يحرم الأعلى.
وعلى هذا نعرف المنطوق بأنه: ما دل عليه اللفظ في محل النطق.