ينقسم النسخ إلى أربعة أقسام: الأول: نسخ القرآن بالقرآن، وهذا كثير في القرآن، مثال ذلك: يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ} [المجادلة:12]، أي: أن من أراد أن يناجي النبي صلى الله عليه وسلم منفرداً فعليه أن يتصدق قبل ذلك، وقد تصدق علي بن أبي طالب بنصف دينار ثم ناجى النبي عليه الصلاة والسلام، لكن هذه الآية قد نسخت حكماً وبقيت تلاوة، والناسخ لها هو قول الله تعالى في نفس السورة: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المجادلة:13].
مثال آخر: كان في أول الأمر أن المرأة المتوفى عنها زوجها تعتد حولاً كاملاً، يقول ربنا: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة:240]، ثم نسخت بقول الله تعالى: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة:234].
الثاني: نسخ القرآن بالسنة، وهذا ينقسم إلى قسمين: الأول: نسخ القرآن بالسنة المتواترة.
الثاني: نسخ القرآن بالسنة الآحادية.
فأما نسخ القرآن بالسنة المتواترة فقد أجازه مالك وأبو حنيفة وأحمد، وأما نسخ القرآن بالسنة الآحادية فموضوع خلاف، فالجمهور على عدم وقوعه؛ لأن القرآن قطعي الثبوت، والسنة الآحادية ظنية الثبوت، فلا يُنسخ القطعي بالظني.
وهناك رأي بجواز ذلك.
الثالث: نسخ السنة بالقرآن، كصلاة المسلمين في أول الأمر إلى المسجد الأقصى، ثم نسخ ذلك بقول الله: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة:144]، وكوجوب صيام يوم عاشوراء في أول الأمر، ثم نسخ بوجوب صيام رمضان، فقال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185]، فبقي صيام عاشوراء على التخيير، من شاء صام ومن شاء أفطر.
الرابع: نسخ السنة بالسنة، وفي ذلك أحاديث كثيرة جداً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسواءً كانت السنة أحادية أم متواترة.
وأما الإجماع والقياس فلا يُنسخان - بضم الياء - ولا يَنسخان - بفتح الياء -.