فالقرآن الكريم قد تكفّل الله بحفْظه من الضياع والنسيان، وصانه من التحريف والتغيير، وسهّل للأمّة تلاوته وحفظه، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.

ومن أهمّ العوامل التي ساعدت على دوام حفْظه، وخلود آياته واستمرار تشريعاته: عناية الأمّة بسُنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذلك بالحفظ والرواية والتدوين والتنقيح، وذلك من خلال جهد علْميّ دقيق، ومنهج متميِّز فريد. وقد حثّ عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((نضّر الله امرأً سمِع مقالتي فوعاها، فأدّاها كما سمِعها. فرُب مبلَّغ أوعى من سامِع)).

وفي خطبة الوداع لعشرات الآلاف التي وقفتْ تُنصت لكلامه يوم عرفة، فقال: ((ألاَ فَلْيُبَلِّغَنّ الشاهدُ منكم الغائب! اللهم قد بلغْتُ! اللهم فاشهدْ!))

ولقد توالى حفظ صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتدوين الأحاديث ونقلها، حتى جاء القرن الثاني الهجري، وأصبح التدوين رسمياً ودعا إليه عمر بن عبد العزيز. وكان هذا بداية جهْد علميّ فريد انتهى -بتوفيق الله- إلى جمْع السّنّة وتدوينها وتبويبها وتصنيفها على أيدي أئمة الحديث، الذين أخلصوا النية لله، وعقدوا العزم وبذلوا الجهد في كتابة الأحاديث. وقد اشتهر منهم أئمة أعلام، وحُفّاظ ثقات، يجب على الدّعاة أن يتعرّفوا إليهم وأن يقفوا على مؤلّفاتهم، نذكرهم في إيجاز على النحو التالي:

أولاً: الإمام مالك بن أنس: وُلد عام 95 هـ، وتوفّي عام 179هـ.

هو: عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني، إمام دار الهجرة.

وكتابه: "الموطأ" استغرق في تأليفه أربعين سَنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015