بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الرابع
(العلوم التي يحتاج إليها الداعية (1))
1 - مصادر الثقافة الإسلامية (1)
بجانب ما ذكرناه عن أهمِّيّة السُّنّة، وأنها المصدر الثاني للشريعة والثقافة الإسلامية، فإنه يجب على الدّعاة -بجانب العلْم والمعرفة بأقوال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبأفعاله، وبالوقوف على سيرته وأحواله-: أن يكون لديْهم إلمام بعلْم الحديث الذي يتّصل بنقل ورواية ما أضيف إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعْل أو تقرير، أو وصْف لأخلاقه وشمائله ومنهجه في الدّعوة إلى الله؛ وهو ما يُسمّى بـ"علْم الحديث روايةً". وفائدته: العناية بحفْظ سُنّته -صلى الله عليه وسلم-، ومعرفة أحكام الشريعة، وبيان لما جاء في القرآن الكريم، ووجوب الاقتداء به -صلى الله عليه وسلم-.
وكذلك ينبغي على الدّعاة إلى الله: أن يكون لديْهم إدراك ومعرفة بالأمور التالية:
أولاً: "علْم مصطلح الحديث"، وهو: علْم يتعلّق بالقواعد التي تُبيِّن أحوال الرّاوي والمروي؛ ويسمَّى هذا النوع من العلْم: "علْم الحديث درايةً".
فالرّواة الناقلون للحديث يُطلق عليهم: "سنَد الحديث"، والألفاظ التي تحمل معنى الحديث هي: "متْن الحديث".
فموضوع "علْم الحديث درايةً": البحث عن أحوال السّنَد والمتْن من حيث القبول فيُعمل به، أو الرّدّ فلا يُعمل به.
وقد وضع علماء الحديث منهجاً فريداً ورائعاً، للتثبّت من صحّة الأحاديث، ونبْذ ما وضَعه الوضّاعون الكذّابون، ممّا نسبوه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذباً وافتراءً، إما اتّباعاً للهوى أو غفلة وجهلاً. وقد اعتمدت أصول هذا المنهج للتّحقّق من صحة ورواية الأحاديث، على عِدّة نقاط، كلّ عنصر منها يتطلّب جهداً علمياً واسعاً.
النقطة الأولى: النّظر الدقيق في رواة الأحاديث، والبحث عن أحوال عدالتهم وضبطهم، وأهليّتهم لتحمّل العلْم وأدائه.