فيجب على الدّعاة أن يكونوا على معرفة بما يتعلّق بكتاب الله، ولو على سبيل الإجمال؛ إذ هو يُثري ثقافتَهم، ويوسِّع مداركهم، ويُحدِّد معالمَ شخصيّتهم العلْمية والفكريّة.
أمّا عن بقية مصادر الثقافة الإسلامية التي يجب أن يتزود بها الدّعاة، فهذا موضوع المحاضرة التالية -إن شاء الله-. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
2 - مصادر الثقافة الإسلامية (1)
الحمد لله الذي خلّق فسوّى، والذي قدّر فهدى. والصلاة والسلام على أشرف الخلْق وخاتم الرسل وقدوة الدّعاة، وعلى آله وأصحابه، ومَن بدَعوتهم اهتدى إلى يوم الدين. أما بعد:
"السُّنّة" في اللغة: السِّيرة والطريقة، حسنة كانت أو قبيحة.
وفي الحديث: ((مَن سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسَنة، فلَه أجْرها وأجْر مَن عمِل بها، مِن غير أن ينقص من أجورهم شيءٌ. ومَن سَنّ في الإسلام سُنّة سيِّئة، كان عليه وِزْرُها ووِزْر مَن عمِل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء))، رواه مسلم.
وكلّ من ابتدأ أمراً عمِل به قوم بَعْده، قيل: هو سُنّة. وتُطلق على: الطريق والسَّيْر.
وقد يكون لفظ "سُنّة" من سننتُ الإبلَ، إذا أحسنتُ رعْيَها والقيام عليها.
"السُّنّة" في الاصطلاح:
يختلف معنى "السّنّة" باختلاف العلوم التي لها بها صِلة:
أ- فعلماء الحديث إنّما بحثوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الإمام الهادي، الذي أخبر الله عنه أنه أسوة لنا وقدوة، فنقلوا كلّ ما يتّصل به -صلى الله عليه وسلم- مِن سيرة، وخُلُق، وشمائل، وأخبار، وأقوال، وأفعال، سواء أثْبت ذلك حُكماً شرعياً أم لا.
ب- علماء الأصول إنّما بحثوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المُشرِّع الذي يضَع القواعد للمجتهدين مِن بَعْده، ويُبيِّن للناس دستور الحياة، ولذلك عنوا بأقواله، وأفعاله، وتقريراته، التي تُثبت الأحكام وتُقرِّرها.