بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الثاني

(تابع من أخلاق الدعاة إلى الله، والثّقافة الإسلاميّة وأثرها على العالَم)

1 - من أخلاق الدعاة إلى الله

تعريف الصِّدْق

الحمد لله، أمَر المؤمنين بالتّقوى والصدق، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.

والصلاة والسلام على الصّادق الأمين، المبعوثِ رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه الذي صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فنالوا رضاه وحُسن مثوبته، ومن سار على درب الصديقين إلى يوم الدين. وبعد:

الصدق:

هو: القول المطابق للواقع والحقيقة. ويُعرّف أيضاً بأنه قولُ الحقّ. وضدّه: الكذب، وهو عدم مطابقة الخبر للواقع، أو عدم قول الحق. وكما يكون الصدق والكذب في الأقوال، يكون في الأفعال؛ فقد يصدق بعض الدّعاة في تعبيراتهم وانفعالاتهم ومشاعرهم، وقد يكون البعض منهم كمَن يتصنّع أمام الناس أفعال المتّقين، وهو أبعد ما يكون عن التقوى، أو يرتدي ملابس الزهد والقناعة، إخفاءً لما يخفيه من جشع وطمع.

ومن أمثلة ذلك: ما حكاه الله في القرآن الكريم من أقوال وأفعال إخوة يوسف -عليه السلام-، حيث جمعوا بين كذِب القول فيما حكاه القرآن الكريم حينما جاؤوا أباهم عشاءً يبكون بكاءً كاذباً، وقالوا كذباً: {يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ}، ثم جاؤوا على قميص يوسف -عليه السلام- بدم كذِب؛ فجمعوا بين كذِب القول وكذِب الفعل؛ قال تعالى: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَاتَصِفُونَ}.

فالآيات الكريمة في هذه القصة توضّحُ كذِب أقوالهم وأفعالهم؛ وهي صفة توارثها اليهود ويُجيدون القيام بها في كل زمان ومكان. وقد أجادوا ذلك خير إجادة في قضية فلسطين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015