الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المائدة:75].

بأيِّ دعوى يخرج الأنبياء والمرسلين عن فطرتهم البشريَّة، أو وصفهم بما لا يليق بهم، هو انحرافٌ عن دعائم وجوهر رسالات الأنبياء جميعاً، فهم -صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً- لا يملكون شيئاً من خصائص الألوهيَّة، وليس من شأنهم التَّصرفُ في بعض أمور الكون، ولا يملكون الضرَّ أو النَّفع لأنفسهم أو لغيرهم، ولا يعلمون الغيب، إلا من خلال ما أطلعهم الله عليه، قال تعالى:

{قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:188].

وقد أفاض القرآن الكريم، في بيان وتوضيح بشريَّة الأنبياء، ليُدحض بذلك افتراض ومزاعم كلِّ من يعتقد فيهم ما ليس في طبيعتهم، ولا من خصائصهم، ولا سيَّما ما اعتقده النصارى في عيسى ابن مريم، حيث نسبوا إليه ما تبرَّأ منه، وسجَّل القرآنُ الكريم إنكارَه -عليه السلام- لما ألحقوه به بهتاناً وزوراً، قال تعالى:

{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:116 - 118].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015