خامساً: الدَّعوة إلى الله تقوم على الإقناع العقليِّ

إنَّ قواعدَ الإسلام وأركانَ الإيمان، يقومان على أسسٍ من الإقناع العقليِّ والبراهين السَّاطعة والأدلة اليقينيَّة الواضحة والمحجَّة البيضاء الناصعة، فالدعوة إلى الله، لا تعرف التقليد الأعمى، ولا تحمل الناس بالقهر والإكراه على اعتناق عقائدها، ولا تسوق البشر لتشريعاتها وأحكامها كما يُساق القطيع دون فكر أو إرادة، كما أنَّ الدَّعوة إلى الله لا تتطلب من الشخص أن يُبادر باعتناق الإسلام، من خلال عاطفة جيَّاشة أو تأثُّر بموقف معيَّن، وإنَّما تأمره بأن يتريَّث في الأمر، وأن يتعمَّق في البحث، حتى يطمئنَّ قلبُه، وينشرحَ صدره، ويثبت عقله، وتصدق نيته، وتصحَّ عزيمته.

والقرآن الكريم كتاب الدعوة إلى الله، تتلألأ آياتُه، وتسطع شمسُ توجيهاته للإنسانيَّة كلِّها، بالدَّعوة إلى الحوار الهادئ، والنقاش المهذب، والجدال بالتي هي أحسن. فالإسلام العظيم لا يضيق ذرعاً بآراء الغير، وإنَّما يردُّ عليها بالصدق، ويُزيل ما علق بالذِّهن من شبهات، بالإقناع العقلي، بل يتحدَّى الخصم ويطلب منه أن يأتي بما عنده من حجج، وبما لديه من براهين، قال تعالى:

{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء:24].

وقال تعالى:

{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون:117].

فالبرهان الحجة، وبرهن عليه أقام البرهان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015