ثانياً: إنَّ منهج الدَّعوة ربَّانيٌّ، كلُّه من عند الله تعالى، وقد جاء مفصَّلاً في الكتاب والسنة، ولا مجال فيه لاجتهاد مجتهد أو رأي بشر.

أمَّا الوسائل والأساليب، فقد جاءت في صورة قواعد كلية وأسس عامة، لكي يتَّخذ المسلمون من الوسائل والأساليب، لتوضيح منهج الإسلام وقضاياه، بما يتلاءم مع ظروف الزمان والمكان.

والمثال على ذلك قوله تعالى:

{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125].

فهذه الآية، توضح أنَّ من يسلك سبيل الدَّعوة إلى الله، فينبغي عليه أن يأخذ بالأساليب التالية:

الحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالَّتي هي أحسن.

هذه الأساليب التي أشار إليها القرآن الكريم، إشارةً موجزةً دون تفصيل.

فيأتي العلماء ويوضحون مفهوم الحكمة، والفرق بينها وبين العلم، وما هي ضوابط الحكمة؟ وما هو الإطار الذي يتحرك فيه الدَّاعية بالحِكمة والفطانة وحسن الوعي؟ ومدى الحكمة في ترتيب أولويَّات موضوعات الدَّعوة ومنهجها.

ثم يوضِّحون أساليبَ الموعظة الحسنة: هل بالوعظ والإرشاد؟ أم بالوعد والوعيد؟ وهل تشملُ الكتابة، أو استخدام أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة، أم تتضمَّن التربية والتعليم؟

وكذلك المجادلة بالتي هي أحسن: ما ضوابطها؟ ما أصناف المدعوين الذين يتوجه إليهم الدُّعاة بالمجادلة؟ ومتى يتوقف الإنسان عن الجدال.

كلُّ هذه الأمور وغيرُها تدخل في مجال أساليب الدَّعوة، مما سنوضحه في ثنايا هذه المحاضرات.

ومن هنا يتضح الفرق بين مناهج الدَّعوة وأساليبها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015