{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون} (النحل: 91)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلقٍ حسن)) فهذه دعوةٌ عامة إلى التحلّي بمكارم الأخلاق، إلا أن الإسلام لم يكتفِ بهذه الدعوة العامة حتى فصّل القول في الأخلاق الحميدة التي يجب على المسلم أن يتخلق بها، كما فصل القول في الأخلاق الرديئة التي يجب على المسلم أن يتخلى عنها، والحكمة في هذا البيان المفصل توضيح معاني الأخلاق وتحديدها؛ لئلا يختلف الناس فيها وتتدخل الأهواء في تحديد المراد منها، ومن مظاهر رحمة الله بعباده أن بيَّن لهم ما يتقون وما يأخذون وما يتركون.

وفي القرآن والسُّنة أمثلة تفصل الأخلاق الحميدة والأخلاق الرديئة:

قال الله -تبارك وتعالى- في الأمر بالوفاء بالعهد: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (الإسراء: 34)، وقال في الأمر بالعدل: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} (الأنعام: 152)، وقال في النهي عن الكبر: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} (الإسراء: 37)، وقال في النهي عن تغيير الشهادة: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة: 8)، وقال في التعاون على البر والتقوى والنهي عن التعاون على الإثم والعدوان: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة: 2)، وقال في الحث على الصبر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمران: 200)، وقال في الأمر بالصدق: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة: 119)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015