إن وزن الأفعال والتروك بميزان الأخلاق، وصحة هذا الوزن أو فساده ومدى التزام الإنسان بمقتضاه وتنفيذه له، كل ذلك يتوقف على نوع المعاني الأخلاقية التي يحملها؛ من حيث جودتها أو رداءتها ومدى رسوخها في نفسه وانصباغها بها وحماسه لها وغيرته عليها وشعوره بضرورتها إليه، فلا يكفي لظهور أثر الأخلاق في فعل الإنسان وتركه أن يعرف الإنسان الجيد والرديء من الأخلاق، ويخزن هذه المعرفة في رأسه، ويتكلم بها في المناسبات، بل لا بد من انصباغ كيانه بها ورسوخه في أعماق نفسه؛ بحيث تصير له كاللون الأسود والأبيض بالنسبة للبشرة السوداء أو البيضاء، وأن تكون حاضرة في ذهنه مسيطرةً على سلوكه، متحمسًا لها، غيورًا عليها إلى درجة الإيمان بأن الحياة لا تصلح عضوًا للتفريط بمعنًى من معانٍ الأخلاق الفاضلة الإسلامية التي يحملها.
ومن أجل هذا أكّد الإسلام على معاني الأخلاق المطلوبة وشوّق إليها وحث النفوس عليها وكررها وأعادها حتى يتذكر المسلم دائمًا وينصبغ بها فيكون أثرها واضحًا في سلوكه.
وللأخلاق في الإسلام مكانة عظيمة جدًّا، تظهر من وجوه كثيرة نذكر منها ما يأتي:
أولًا: تعليل الرسالة بتقويم الأخلاق وإشاعة مكارم الأخلاق: جاء في الحديث الشريف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق)).
ثانيًا: تعريف الدين بحسن الخلق: فقد جاء في حديث مرسل، أن رجل جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ما الدين؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((حسن الخلق))، وهذا