الرذائل والتطهير من سوء القول وسوء العمل هو حقيقة الصلاة، والزكاة المفروضة ليست ضريبة تُؤخذ من الجيوب بل هي غرس لمشاعر الحنان والرأفة وتوطيدٌ لعلاقات التعارف والألفة بين شتَّى الطبقات، وقد نص القرآن الكريم على الغاية من إخراج الزكاة بقول الله سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (التوبة: 103)، فتنظيف النفس من أدران النقص والتسامي بالمجتمع إلى مستوى أنبل هو الحكمة الأولى، ومن أجل ذلك وسَّع النبي -صلى الله عليه وسلم- في دلالة كلمة الصدقة التي ينبغي أن يبذلها المسلم فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((تبسّمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلالة لك صدقة، وإماطة الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة)).
وهذه التعاليم في البيئة الصحراوية التي عاشت دهورًا على التخاصم تُشير إلى الأهداف التي رسمها ا، لله وقاد العرب في الجاهلية المظلمة إليها. وكذلك شرع الإسلام الصوم، فلم ينظر إليه على أنه حرمان مؤقت من بعض الأطعمة والأشربة، بل اعتبره خطوة إلى حرمان النفس دائمًا من شهواتها المحظورة ونزواتها المنكورة، وإقرارًا لهذا المعنى قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((من لم يدعُ قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))، والقرآن الكريم يذكّر بثمرة الصوم فيقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)، وقد يحسب الإنسان أن السفر إلى البقاع المقدسة التي كُلف به المستطيع واعتبر من فرائض الإسلام على بعض أتباعه قد يحسب الإنسان هذا السفر رحلة مجردة عن المعاني الخلقية، ومثلًا لما قد تحتويه الأديان أحيانًا من تعبدات غيبية، وهذا الحسبان خطأ؛ فإن الله -تبارك