وخامسها: أن تُحمل الآية على كل هذه الوجوه؛ لأنها مشتركة في مفهوم واحد وهو تعظيمها والانقياد لها لفظًا ومعنًى، فوجب حمل هذا القدر المشترك تكثيرًا لفوائد كلام الله تعالى.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} يتبعونه حق اتباعه، ثم قرأ: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} (الشمس: 2)، ففسر ابن عباس التلاوة بالاتباع، واستمد هذا المعنى من قول ربنا -عز وجل-: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} (الشمس: 1، 2) أي: تبعها، وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: {حَقَّ تِلَاوَتِهِ} أن يحل حلاله ويحرم حرامه، ويقرأه كما أنزل، ولا يُحرف الكلم عن مواضعه، ولا يتأول منه شيئًا غير تأويله.
وللقرآن الكريم أثره الكبير في حياة المؤمن، فالله تعالى سمى القرآن الكريم نورًا وهدى ورحمة وشفاء، قال الله -سبحانه وتعالى-: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: 185)، وقال سبحانه: {يَا أَهْل الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15، 16)، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (يونس: 57).
وقد جعل الله -تبارك وتعالى- روحًا تحيى بها أرواح بني آدم فقال -عز وجل-: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} (الشورى: 52)، فإذا كانت الروح هي سر حياة الأبدان؛ فإن روح الأرواح هو القرآن الكريم، فمن آمن بالقرآن الكريم واتبعه فهو حي، ومن كفر بالقرآن الكريم وكذبه فهو ميت، وإن كان يدبّ على وجه